قصة: نقطة.

أ.مروة صالح...

اليمن...



اليوم سيصل أخوها من السفر بعد غربة فرقتهم عقداً مريراً، لطالما حاول الرجوع لكن الحرب اللعينة أغلقت الطريق، استيقظت باكراً لتجهز كل الموائد التي يحبها؛ وزنه كالريشة الناعمة مع ذلك يلتهم الطعام بشراهة، عندما كانا صغاراً، كان يحتال عليها لتقوم من المائدة ويأكل نصيبها وتعود باكية لوالدتها بأن تمنع ابنها ذو الفم الكبير من هذه العادة السيئة!! كانت تسأله أين يذهب كل ما تأكله؟!

يجيبها مازحاً: إلى معدتك السمينة!

لم يتغير طبعه مازال كذلك حتى عندما كبر، تتذكر تلك اللحظات فتبتسم وتخنقها العبرة ليته هنا ليأكل طعامي كله، هو كذلك كان يتمنى أن يعود؛ ليلتقي بأخته ويعيد إليها طعامها الذي كان يأكله! بعد تلك الغربة التي عصرت ذكرياتهما الجميلة.

 اشترى أجمل الهدايا لها ولصهره وأبنائها وأكبر الهدايا لسميه ذاك الصغير المدلل..

حان اليوم الموعود أعد حقائبه انطلق للمطار كالبرق كأنما أجله يناديه بلهفة، شعر بحنين الماضي، ولذة العودة للوطن، وظن أن اليمن مازال سعيداً!!!

 جمع كل ابتسامته ليطلقها مرة واحدة بضحكة عظيمة سمعها قبره الذي كان ينتظره عند وصوله لبلاده، لم يكن يعلم بالأنياب المكشرة، ولا المحسوبية القبيحة، ولا النقاط الأمنية المزروعة لترويع الأبرياء، وصل لنقطة التفتيش التبس الأمر عليه، رصاصات غادرة تخترق جسده، كذلك الصاروخ الخبيث الذي قصف على ستين شابًا قبل يومين، وكلهم يموتون بلا ذنب!! 

يفارق الحياة على أمل أن يلتقي بأخته عند الملك الجبار، تتابع أخته أخباره من وسائل التواصل؛ لتضع في الأخير نقطة حزن، ليست الأولى في اليمن لكنها تتمنى بأن تكون الأخيرة...


١٠_٩_٢٠٢١م

٣_٢_١٤٤٣ه‍.

تعليقات